# علاقة _ إيجارية _ تثبيت _ تسجيل :
قانون الإيجار من القوانين ذات الصلة المباشرة والعلاقة الوثيقة بالعلاقات الاجتماعية والاقتصادية لشريحة كبيرة من الناس , وهو أفرز فيما أفرز الكثير من الخلافات والنزاعات القضائية ، لذلك نجد المشرع تداعى فاعتنى بهذه العلاقات عناية خاصة.
ومن جملة هذه العناية هو النهج الذي انتهجه قانون الإيجار منذ مدة زمنية ليست بقصيرة , وذلك فيما يخص توثيق عقود الإيجار , وفق شروط وأصول قانونية خاصة.
ومعلوم إن القانون في معرض هذه العناية الخاصة , هو أجاز فيما أجاز توثيق عقود الإيجار لدى الوحدات الإدارية ( المحافظة - المدينة – البلدة – البلدية ) وهذا التوثيق يتم وفق شروط وأصول قانونية معينة , لا مجال لذكرها هنا , وكل هذه الأصول الخاصة بالتوثيق , كانت الغاية منها وفق صراحة الفقرة ( أ ) من المادة الرابعة من قانون الإيجار ، هي منح هذا العقد الموثق وفق هذه الأسلوب صفة السند التنفيذي , الذي يخول المالك المؤجر الصلاحية لطرح هذا السند لدى دائرة التنفيذ لإخلاء المأجور واستلامه من المستأجر جبراَ , وذلك في حالة انتهاء مدة العقد , وعدم التزام المستأجر طوعاَ بتسليم المأجور.
والمشرع مؤخراَ وبموجب القانون رقم ( 20 ) لعام 2015 أجاز للمالك المؤجر طرح العقد الموثق لتحصيل الأجور التي قصر المستأجر في دفعها , وهو حكم وإن كان من الصعب تطبيقه على أرض الواقع , إلا إنه حكم جديد لم يكن معروفاَ في قوانين الإيجار القديمة.
ولكن ما يهم في هذا المقام هو نص الفقرة ( ب ) من المادة الرابعة من قانون الإيجار التي نصت على إن عقود الإيجار غير المسجلة و المبرمة في ظل نفاذ أحكام هذا القانون ، والقانون رقم ( 6 ) لعام 2001 أو القانون رقم ( 10 ) لعام 2006 فتخضع في إثباتها للقواعد القانونية النافذة وتسري عليها أحكام الفقرة ( أ ) أو الفقرة ( ب ) من المادة الأولى من قانون الإيجار.
وعليه إذا ما كانت العلاقة الإيجارية ثابتة بموجب عقد غير موثق , وأدت إلى نزاع قضائي بين المؤجر والمستأجر , للحصول على حكم قضائي لتثبيت هذه العلاقة , فليس من المنطق القانوني أن تقضي محاكم الصلح المدني بتسجيل هذه العقود لدى الوحدات الإدارية , وفق ما نصت عليه المادة الثالثة من قانون الإيجار , ذلك إن هذه المادة قصدت من مسألة تسجيل عقود الإيجار , التخفيف من الخلافات الإيجارية وذلك عن طريق جعل هذه العقود , سندات صالحة للتنفيذ , وذلك في حالة امتناع المستأجر عن تسليم المأجور بالرغم من انتهاء مدته , أو في حالة تقصيره في دفع الأجور كما سلف بيانه ، والتوثيق المقصود في مثل هذه الحالة ، هو معاملة إدارية تُقدم من طرفيها المؤجر والمستاجر ، وذلك يكون عن طريق حضورهما طوعاً إلى الجهات المعنية بالتوثيق ، كل ذلك بهدف توثيق العقد.
وعليه مادامت الأحكام القضائية المبرمة مُعتبرة من الأسناد الصالحة للتنفيذ , وفق صراحة المادة ( 275 ) من قانون أصول المحاكمات المدنية , التي نصت على إن التنفيذ الجبري لا يكون إلا لسند تنفيذي , ومن ثم حددت الأسناد التنفيذية , فكانت الأحكام على رأس هذه الأسناد , ولاحقاَ كانت العقود الرسمية , ومنها عقود الإيجار الموثقة.
وعليه وفي ضوء ما سلف , فإن ذهاب محاكم الصلح إلى القضاء بتسجيل العلاقات الإيجارية غير الموثقة والصادر بتثبيتها أحكام قضائية , لدى الوحدات الإدارية , يكون من باب التزيد الذي لا فائدة منه , وهو أمر من الصعب تصور تطبيقه لدى الجهات الإدارية ، والأهم من كل هذا , مثل هكذا نهج هو نهج ، لا أساس له في القانون , وفيه امتهان للأحكام القضائية , والتي هي أصل الأسناد التنفيذية بصراحة النص القانوني.
بقلم القاضي حسين احمد
0 تعليقات