كتاب المحاماة فن رفيع لشوكت بك التونى
عرفت محاميا اُودع لديه مبلغ كبير من المال لكى يودعه بدوره فى دعوى شفعة ، وكان موضع ثقة صاحب المال ، فلم يأخذ ايصالا عليه بإيداع المبلغ.وعرفت محاميا اخر اُودع لديه مثل ذا المبلغ لنفس الغرض وفى نفس القضية ، وحرر على نفسه ايصالا بالايداع ، وحدث ان مات صاحب المال الاول ، وحدث ايضا ان مات صاحب المال الثانى.
اما المحامى الثانى فقد تصنع الحزن والالم ، وسبق الشمس الى زيارة منزل المتوفى وقدم التعزيه ممزوجة بالدمع ، ثم نصح اولاده وزوجه ان يتحفظوا على اوراق المرحوم ، فقد كانت معاملاته متعدده ، وحذرهم من ضياع ورقة واحده ، لان الالاف قد تضيع اذا ضاعت ورقة صغيره تثبت هذه الالاف ، ويظل يرهبهم ويخيفيهم حتى جمعوا له الاوراق جميعها واودوعها لديه امانة ، وانفرد هو بالاوراق يبحث عن " الامانة " وهى ايصال المال المودع ، فمزقه وحرقه !! وراح يضحك منتصرا !! ثم سلم الاوراق بعد ذلك الى الورثه ، وقد ناله الشكر والثناء والدعاء منهم ، وهم لا يدرون شيئا عن الايصال الذى سرقه واختلسه.
اما الأول ، فقد كان موقفه عجبا فقد كان المودع لا وارث له من الابناء او الاخوة ولم يكن له زوجة ، فظل يبحث شهرا عن الورثه ، حتى جاءوا ، وكان فى اشد حالات الضيق المالى ، كانت زوجته تضع مولودا ، واولاده طالبين بالرسوم المدرسية ، ووالده فى عسر متوقع عليه حجز ومحدد يوم لبيع منقولاته ، ولكنه ادرك قيمة الامانة ، وعرف ما قاله الله عنها وما بعث به الرسل من الاغراء بها ، فصارحهم بما هو مودع لديه من مال.
وقد ذهلوا وفى غمرة فرحتهم تنازلوا عن دعوى الشفعة وظفروا بالمال ، واجزلوا للمحامى الجزاء ، بما كفاه حاجته الى المال ، فتسدد أجر العمليه والرسوم المدرسية وتسدد الدين ورفع الحجز.
فتدبروا يا أهل الذكر !
من كتاب المحاماة فن رفيع لشوكت بك التونى
0 تعليقات