اتصل بنا 054000

دولي +96654000

السلطة التقديرية لسعادة المحضر - مقال قانوني

السلطة التقديرية لسعادة "المحضر"!!

بقلم المحامي عارف بيك الشعال 

إذا اعتبرنا أن للدعوى أعصاب تسيّرها فمما لا شك فيه أن "المحضر" أحد أهم هذه الأعصاب، فهو المولج بتبليغ أوراق الدعوى في مختلف مراحلها، وفق آليّة دقيقة نصَّ عليها القانون، 

وللمُحضر من الناحية الوظيفية مهمة محدودة جداً، وهي باختصار تلقي الأمر من المحكمة بتبليغ شخص ما على عنوانه المكتوب على ورقة التبليغ، فيذهب لهذا العنوان ويقوم بتبليغه، أو أحد المقيمين معه، أو بطريق اللصق على باب العنوان، وفق الأصول المنصوص عليها بقانون أصول المحاكمات.
  • وإذا حصل مع المحضر طارئ ما، يعيق التبليغ، يقوم بتدوين مشاهداته بطريقة سرد الوقائع على ورقة التبليغ بدون أن يبدي أي رأي مطلقاً، فالمحضر ينفذ أمراً وليس له رأياً.
  • ومما لا شك فيه أن هذا العَصَبْ الهام بالدعوى، مريض، ومرضه يعتبر أحد أسباب بطء عملية التقاضي وتأخر سير الدعوى، ولا يكاد يوجد قاض أو محام إلا ولديه أحاديث وقصص لا تنتهي عن دائرة المحضرين.
والمشكلة أنه لا توجد بوادر على تعافي هذا العصب، بل على العكس، مرضه يزداد تفاقماً، ويكاد يصبح مزمناً يستعصي على العلاج، حتى وصلنا لدرجة أن المحضر له سلطة تقديرية بالقيام بالتبليغ أو عدم القيام به!!

في حالتنا التي نعرضها قرر السيد المحضر عدم تبليغ المخاطب وإعادة ورقة التبليغ للمحكمة موشحة بحيثيات وأسباب تسوغ قراره الكريم!!

وهكذا انتقلنا من طور المحضر الذي يأتمر بأمر المحكمة، إلى طور المحضر صاحب الرأي والقرار في الدعوى، 
انتقلنا لمرحلة يتطاول فيها "المُحضر" على المحكمة! ويتخذ قرارات بالدعوى! ويورد حيثيات ويعلل قراره أيضاً!!! 
أي أننا انتقلنا لمرحلة المحضر المستشار صاحب الرأي بالدعوى، بدلاً من المحضر المأمور من المحكمة!!

تتلخص الحادثة بأننا قمنا بإرسال مذكرة دعوة لوكيل المستأنف عليه.
(ملاحظة: أرسلناها كنوع من المساعدة المعتادة للمحكمة بغية تسهيل إجراءات الدعوى، إذ أن واجب تحرير المذكرة يقع على كاتب الضبط، بينما يقتصر واجب المحامي على إسلاف الطابع فقط)


قام الزميل المحامي المطلوب تبليغه بشرح المذكرة بأنها تخلو من لائحة الاستئناف، وهنا ارتكب المحضر خطأ مهني بإعادة المذكرة للمحكمة مكتفياً بهذا الشرح، وكان المفروض أن يقوم بتبليغ المحامي هذه المذكرة بالرغم من خلوها من لائحة الاستئناف، وإذا امتنع المخاطب عن التبلّغ يجب على المحضر أن يقول إنه بلّغه إياها وامتنع عن توقيع الشق الثاني من المذكرة، أو أن يقوم بلصقها على باب مكتب المحامي!

ذلك أن قيام المخاطب بالكتابة 

على ورقة التبليغ بأنها تخلو من الاستدعاء، يعتبر بدعة لا أساس لها بالقانون والأصول، فالمحضر ليس مراسل بين المحكمة وبين المخاطب حتى يقوم بشرح مذكرة التبليغ ويعيدها، وإنما يجب على المخاطب أن يتبلغ المذكرة، ثم يأتي للمحكمة ويعترض على خلوها من لائحة الاستئناف! 

وبغية عدم إضاعة الجلسة سدى، استدركنا الأمر وقمنا بتحرير مذكرة تبليغ ثانية وأرفقنا معها لائحة الاستئناف، وأسلفنا رسم التبليغ ثانية (الطوابع)، ووقعها رئيس المحكمة وكاتب الضبط أصولاً.

انزعج السيد المحضر من تصرفنا

 ولم يحترم توقيع رئيس المحكمة، وقرر أن ما قمنا به غير قانوني وأنه يتوجب إضاعة الوقت وانتظار الجلسة وتوريد التبليغ بالدعوى، وبعد ذلك يجب على المحكمة أن تحرر التبليغ ثانية، وفعلاً أعاد المذكرة للمحكمة بدون تبليغ وعلل سعادة المحضر قراره بالحيثيات المرفقة!! 

من البديهي طبعاً أن المحضر لا يقوم بهذا التطاول والجرأة على المحكمة وعرقلة التبليغ مرتين لو لم يقبض رشوة مجزية لقاء فعلته هذه.

قمتُ بمراجعة رئيس المحكمة وهو من أرقى رؤساء الاستئناف بدمشق، وبعد أن رأى شرح المحضر، انزعج كثيراً وحاول الاتصال مع رئيس المحضرين ولكن لم يتم ذلك، فطلبت منه اتخاذ إجراء بحق المحضر نفسه بتسطير كتاب للنيابة العامة أو للتفتيش القضائي، ولكنه اعتذر بلباقة شديدة تحت الحجة المعهودة (خطيّ، لا نريد إيذائه)، 

في الواقع، وبالنظر لهذا التجاوز الفجّ الذي لا يمكن قبوله والرضوخ له، نحن سنلاحق المحضر مسلكياً بالشكوى، وجزائياً بجرميّ الرشوة، وإساءة استخدام الوظيفة.

ولكن بشكل عام وحتى يبدأ علاج هذا المرض المستفحل 

من الواجب على القاضي نفسه بوصفه الطبيب الذي يعالج الأمراض التي تصيب الدعوى، أن يتخذ الإجراءات المناسبة بحق المحضر أو الموظف المسيء، والإقلاع عن ذهنية اللامبالاة والـ (خطيّ)، وإلا إذا بقي المحضر بدون رقابة سيزداد هذا المرض استفحالاً كما رأينا بهذه الحادثة، 

وبحسبان أن التفتيش القضائي 

عندما يفتش دائرة المحضرين يقوم بالاطلاع على دفتر المحضر فقط ويحاسب على التبليغ الذي تأخر، بدون أدنى اهتمام بقيام المحضر بواجبه على أكمل وجه.

مع ملاحظة أنه في أحسن الحالات إذا كانت غلطة المحضر فجّة كهذه يقوم القاضي بالاتصال برئيس المحضرين وينبهه على الخطأ، أو يستدعي المحضر ويأنبه أدبياً أو قد يصرخ عليه متوعداً في حال التكرار.

ولكن هذا الإجراء ثبت أنه غير مجدي، مما يوجب على القاضي استعمال العصا الغليظة في الحالات الفجّة بإبلاغ النيابة العامة والتفتيش القضائي، وبغير ذلك سيزداد الوضع سوءً على حساب المتقاضين.

0 تعليقات

أهلا وسهلا بك في شركة الأمثل المتميزة للمحاماة والاستشارات القانونية

img
مستشار قانوني لخدمتك شركة الأمثل المتميزة للمحاماة
+9665000
We run on محامو المملكة
مرحبًا! ما الذي يمكنني أن أفعله من أجلك؟

اتصل بنا