اغرب القضايا الجنائية - قضية قتل الزوجة
محامي في الرياض - كنا بانتظار نتيجة تقرير أبحاث التزيف والتزوير ومعرفه مدى تطابق التوقيعات بدفترى الحضور و الانصراف مع توقيع المتهم .
هل الزوج وقع فعلا بدفتر الحضور و الانصراف ؟
وهل الزوج كان موجوداً بالمصنع الذى يعمل فيه وقت حدوث الجريمة
و كانت المفأجاة ....
فقد تعلمت من هذه الواقعه أن على رجل القانون سواء كان محققا أو قاضيا أو مدافعا ألا يصادر على المطلوب ويستهين بتحقيق واقعة مهما قدر عدم جدواها لما فى ذلك من حكم سبق على دليل قبل أن ينحسم أمره بتحقيقه خاصة إذا كان الأمر يتعلق بمسأله فنيه بحته لا يستطيع أن يقول قائل فيها غير أربابها من المختصين فنيا .. إذاً لا يمكن التنبؤ سلفا بما تسفر عنه نتيجه تحقيق الدليل و الرأى الذى من الممكن أن يتخذ بناء على ما يسفر عنه ..
لقد اثبت إجراء المضاهاة أن التوقيع المنسوب للمتهم على دفترى الحضور و الانصراف ليس توقيع الزوج ......
وإزاء هذه المفأجاه ... قمت باستدعاء موظف الاستعلامات بالمصنع المسئول عن دفترى الحضور و الانصراف فى يوم الواقعه و واجهته بهذا الدليل الجديد فلم يملك غير الاعتراف بأن الخط المنسوب للمتهم فى الدفترين هو خطه و أضاف أن المتهم هو الذى طلب منه التوقيع بدلا منه لأنه لن يحضر فى هذا اليوم إذ لديه أمر مهم يريد أن ينهيه و ألح عليه فى ذلك وأصر على أن يكون الأمر سرا بينهما لا يعلم به أحد وأضاف الموظف أنه لم يكن يدرى ما وراء ذلك و لم يكن يعرف أن هناك جريمة سوف ترتكب تحت ستار هذه المجاملة خاصه أنه رئيسه فى العمل و له سلطان أدبى عليه ..
تم استدعاء المتهم و مواجهته بهذا الدليل الجديد فانهار و كست وجهه صفره واضحه و أصبح فجأة كالعود الذابل المترنح ثم سقط على الأرض و أجهش فى البكاء ..
طلبت منه أن يقدم تفسيرا أو تبريرا لما سلف و لكنه عجز و اعتصم بالبكاء والإنكار ..
كان لابد من المسير فى الطريق حتى نهايته تجميعا لأدلة أخرى
فاستدعيت الخادمه التى نفت أقوال الزوج المتهم تماما و أكدت أنها لم تتصل به فى عمله حيث ذكر ذلك فى بداية التحقيقات من أنه علم بالحادث من بلاغ الخادمة .. و أصرت على أنه قد حضر بعد حضور الشرطة بدقائق و لا تعلم من الذى أخبره بالحادث ..
فاستدعيت المتهم و سالته مجددا كيف علمت بالحادث ؟؟ فأجاب بأن الشغاله هى التى اتصلت به فى العمل و أخبرته بالحادث فواجهته بإنكار الخادمة و أنها لم تحدثه تليفونيا بالحادث إذ انه لم يكن موجودا أصلا فى العمل يوم الحادث فازداد اضطرابا وعصبية و إجهاشا فى البكاء مرددا عباره "مظلوم .. مظلوم"
و بانتهاء ما سلف من نتائج و تحقيقات عرضت القضية بأحداثها الجديدة على رئيس النيابة الذى ذهل من النتائج التى أسفرت عنها التحقيقات ..
و قال لى بالحرف الواحد " كان عندك بعد نظر و معاك حق و دم المجنى عليها كان سيضيع هدرا"
أعددت قائمة بأدلة الثبوت قبل المتهم قيدا و وصفا جديدا للتهمة الموجهة اليه و هى القتل العمد مع سبق الإصرار فوافق على ذلك و أصدر قرارا بإحالة المتهم الى محكمة الجنايات بالقيد و الوصف الجديد للتهمه الموجهة إليه ..
حضرت بجلسه المحاكمة ممثلا للنيابة و ترافعت فى الدعوى و طلبت معاقبته بأقصى عقوبة جزاءا لجرمه و قتل زوجته ..
و انتهت محاكمته و قضى بمعاقبته بالأشغال الشاقة المؤبدة ..
مضت السنون لنكون أمام فصل جديد من أحداث هذه القضية بعد سبع سنوات انتقلت للعمل وكيلا لنيابة بنى سويف واثناء وجودى فى مكتبى عرض على ضابط المباحث محضرا بصحبته شاب يرتدى زى ملابس الشرطة العسكرية و قرر لى انه ليس ضابطا بالشرطة العسكرية أو بغيرها من فروع القوات المسلحة أو الشرطة و إنما هو "نصاب محترف" اعتاد النصب و الاحتيال و سلب أموال الأبرياء و له ملف متخم بالعديد من قضايا النصب و سجل حافل بالأحكام .. تم القبض عليه فى دائرة القسم و هو يرتدى هذه الملابس و من المؤكد انه فى طريقه لاحد مخططاته الاجرامية ..
تبين لى من استجوابه انه اعتاد النصب على جميع فصائل البشر و كانت هواياته النصب على الفنانين و أصحاب النفوذ و على وجه الخصوص الفنانات و أنه يحتفظ بأجنده تحمل أسماء و عناوين و تليفونات العديد من الشخصيات المهمه و بسهوله تثير الغرابة أدلى لى باعترافات تفصيلية بارتكاب جرائم نصب و احتيال على كثير ممن وردوا فى الأجندة حيث انه توسع فى طرقه الاحتيالية و وطد علاقاته و صداقاته بكبار الدجالين و تعلم منهم الحيل و الأفانين و الايهام بالقدره على الاتصال بالجن و تسخيره لجلب الحبيب و تطويع القلوب و الأحاسيس بل وصل به التمادى الى حد ارتداء الزى العسكرى و انتحاله صفه ضابط بالشرطة العسكرية ..
و ازاء اعترافاته التفصيليه أمرت بحبسه على ذمة القضية ..
تم ايداعه سجن بنى سويف العمومى و إمعانا فى طرقه واساليبه الحديثة و المتجددة أرسل الى السلطات العليا خطابا من سجنه بأن هناك مؤامره على الدولة و أنه ممسك بخيوطها و يريد أن ينقذ البلد من شرورها فأجرى النائب العام اتصالا برئيس النيابة بعد ابلاغ السلطات لهذا الامر و طلب إحضار هذا النصاب لسؤالة على وجه السرعه بهذه المعلومات و لكنه استطاع بأفانينه و حيله أن يهرب من رجال الضبط و يختفى عن عيون الشرطة ..
مرت الأيام و الشهور و السنون ..... فؤجئت بخبر غريب بإحدى الصحف كان مثار اهتمام كافه وسائل الإعلام و ترديدها بل مثار دهشه و غرابة الرأى العام لهذا الحدث ..
وهو أن الزوج المهندس قاتل زوجته برئ من جريمة قتل زوجته ..
و أن القاتل الحقيقى هو ............
و الآن ماذا تتوقعون
هل الزوج برئ فعلا من قتل زوجته؟ .. ماذا حدث بعد الحكم على المهندس بالاشغال الشاقة المؤبدة ؟
ما هو مصير علاقته بعشيقته ؟
من هو القاتل الحقيقى ؟
ماهى علاقه النصاب المحترف بالقضية ؟
من كتاب أغرب القضايا للمحامى القدير بهاء الدين ابوشقة
تابعونا غدا فى الجزء الثالث من القضيه الاكثر تعقيدا وصولا الى الحقيقة و تحقيق العدالة
رابط الجزء السابق في اول تعليق /بقلم المحامي محمد عبد العزم - محامي جنائي
0 تعليقات